الدولة اللبنانية

لبنان جمهورية متعدّدة الأحزاب ذات نظام حكم برلماني. ينصّ دستوره الذي صدر عام 1926 خلال فترة الانتداب الفرنسي، وخضع لعدّة تعديلات لاحقة، على انتخاب مجلس نوّاب لولاية يُحدّدها القانون، بالاقتراع العام، من قِبل المواطنين الذين بلغوا الحادية والعشرين من العمر وما فوق. يُعتبر النظام السياسي في لبنان ديمقراطية توافقية، يستند فيه التمثيل السياسي إلى الهوية الطائفية للمواطنين. وقد رسّخ الميثاق الوطني المتّفق عليه عام 1943 صيغةً غير مكتوبة لتقاسم السلطات بين المسيحيين والمسلمين. لكنّ لبنان بقي شديد التأثّر بالأزمات العالمية وانعدام المساواة داخلياً أيضاً. كما أدّت النزاعات العربية - الإسرائيلية إلى نزوح مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين إلى لبنان، بمن فيهم المجموعات المسلّحة. زِد على ذلك أنّ تمركُز السلطة بِيد مجموعةٍ من الأُسر السياسية أوجَد تفاوتات متزايدة بين المناطق. فكان هذان عاملَين من العوامل المتعدّدة التي ساهمت في اندلاع حرب أهلية في 14 نيسان/أبريل 1975، استمرّت حتى 13 تشرين الأول/أكتوبر 1990. شهدت هذه الحرب تزعزعاً لمؤسسات الدولة، ونشوء مجموعة متنوّعة من الميليشيات الطائفية، واجتياح الجيشَين السوري (عام 1976) والإسرائيلي (عام 1978) للمناطق اللبنانية. غير أنّ اتفاق السلام الذي تمّ التوصّل إليه في مدينة الطائف السعودية عام 1989 شكّل، في الأساس، ضمانةً للعودة إلى مفهوم تقاسم السلطة على أسس طائفية، بحيث تمّ توزيع المقاعد النيابية على قدم المساواة بين الطوائف المسيحية والإسلامية، بعد أن كان المسيحيون في الماضي يحصلون على النسبة الأكبر من المقاعد. ومن الملاحَظ أنّ هذا التوزّع الطائفي سرى أيضاً على تعيينات الوظائف العامة من الفئة الأولى. رئيس الدولة هو رئيس الجمهورية ينتخبه البرلمان لولاية ست سنوات. وِفقاً لاتفاق غير مكتوب، على الرئيس أن يكون مسيحياً مارونياً، ورئيس الوزراء مسلماً سنيّاً، ورئيس مجلس النواب مسلماً شيعياً. يقوم الرئيس، بعد استشارة نواب البرلمان، بتعيين رئيس الوزراء، ويشكّل معه مجلس الوزراء. وعلى هذا المجلس، الذي يمثّل السلطة التنفيذية، أن ينال تصويت الثقة من مجلس النواب. بقيَ تطوّر لبنان في فترة ما بعد الحرب وثيق الصلة بالدولتين المجاورتين، إسرائيل وسوريا. كما بقيت إسرائيل تحتلّ جنوب لبنان عسكرياً، حيث خاضت حرب استنزاف ضدّ "حزب الله" إلى أن انسحبت القوّات الإسرائيلية عام 2000. غير أنّ الأعمال العدائية بين إسرائيل و"حزب الله" الذي حافظ على قدراته العسكرية تأجّجت في تموز/يوليو 2006 خلال حرب استمرّت 34 يوماً. في غضون ذلك الوقت، بقيت سوريا تبسط تأثيراً واسعاً على لبنان، يؤكّد ذلك وجود أكثر من 30 ألف جنديّ سوريّ على الأراضي اللبنانية. زِد على ذلك أنّ جهازها الاستخباراتي تدخّل في الحياة السياسية لتكريس طبقة سياسية موالية للنظام في دمشق. خلال هذه الفترة، انطلقت عملية كبيرة لإعادة الإعمار، بقيادة رئيس الوزراء رفيق الحريري. لكنّ هذه العملية شابها الفساد وتنامي العجز في ميزانية الدولة، مع ارتفاع في الدين العام. استمرّ الوضع على هذا المنوال إلى أن اشتدت التوتّرات، لا سيّما حيال الهيمنة السورية في لبنان وإعادة اصطفاف القوى السياسية التي كانت تدعم الوجود السوري نحو الأحزاب المعارضة للنظام السوري، بعد اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري في 14 شباط/فبراير 2005، وذلك بين تحالف 14 آذار المعارض للسوريين والموالي للغرب، وتحالف 8 آذار الموالي للسوريين بقيادة "حزب الله". وعلى رغم تفاقم هذا الانقسام مع اندلاع النزاع السوري عام 2011، إلا أنّ الأحزاب السياسية اللبنانية بقيت محافظة على فكرة تشكيل حكومات وحدة وطنية تجمع كافة الأحزاب الممثّلة في البرلمان. صحيحٌ أنّ هذا الأمر رسّخ عامل الاستقرار، إلا أنه أبطأ وتيرة عملية صنع القرار، مما أدى إلى فترات طويلة من الشغور الرئاسي (تشرين الثاني/نوفمبر 2007- أيار/مايو 2008؛ أيار/مايو 2014- تشرين الأول/أكتوبر 2016؛ تشرين الأول/أكتوبر 2022 - حتى اليوم) والحكومي (كانون الأول/ديسمبر 2010- حزيران/يونيو 2011؛ آذار/مارس 2013- شباط/فبراير 2014؛ ومنذ حزيران/يونيو 2018). بعد الانهيار الاقتصادي، واجهت الدولة مشكلات مختلفة متعلّقة بتراكم الديون واختلال وظائف معظم المؤسسات الحكومية. منذ بداية عام 2023، شهد القطاع العام إضرابات مستمرة نظّمها الموظفون الذين أخذت رواتبهم تفقد قيمتها أكثر فأكثر. لطالما مالَت الحكومة اللبنانية نحو سياسة اقتصادية موالية للسوق وقائمة على مبدأ عدم التدخّل، محافظة على نسبة دنيا من ملكية الشركات. لكن، رغم زعم الدولة أنها تدعم نهج السوق الحرّة، فهي تعتمد بشكل واسع على الاحتكارات الاقتصادية في مجموعة متنوعة من القطاعات. في هذا الإطار، تملك الدولة اللبنانية في القطاع الإعلامي "تلفزيون لبنان"، و"إذاعة لبنان"، و"الوكالة الوطنية للإعلام". منذ العام 2019، تطوّر الجهاز القمعي للدولة بشكل كبير، لا سيما في ما يتعلّق بسلوك الهيئات القضائية والأمنية.
معلومات أخرى
البيانات الوصفية
تمّ الحصول على بيانات عامَي 2024 و2021 حول نِسب المساهمين، معلومات الشركة، الإيرادات، والإدارة من خلال الجهود التحقيقية التعاونية بين SEEDS للمبادرات القانونية ومؤسسة سمير قصير. بيانات حصّة الجمهور غير مُتاحة للمنصّات الإلكترونية.