This is an automatically generated PDF version of the online resource lebanon.mom-gmr.org/en/ retrieved on 2024/12/03 at 03:49
Global Media Registry (GMR) & Samir Kassir Foundation - all rights reserved, published under Creative Commons Attribution-NoDerivatives 4.0 International License.
Samir Kassir Foundation
Global Media Registry

الاقتصاد

يعتمد لبنان اقتصاد السوق الحرّ الذي يتّسم بتقليد راسخ من الحرية الاقتصادية والاستثمار الأجنبي غير المقيّد، كما اعتمد الاقتصاد اللبناني، وبخاصة قبل الأزمة الاقتصادية التي اندلعت عام 2019، بشكل أساسي على الخدمات، على قطاعَي المصارف والسياحة بالدرجة الأولى، فضلًا عن علاقات الأعمال الدولية. وتُشكّل تحويلات المغتربين المصدر الأساسي للأموال الوافدة، بحجم يفوق الصادرات، ما يجعل الاقتصاد معرّضاً بشكل كبير للأزمات الإقليمية والتوترات السياسية المحلية.

بداية الانهيار

واجه لبنان في السنوات الثلاث الأخيرة أزمات عدة أبرزها الأزمة الاقتصادية والمالية، وجائحة فيروس كورونا، وانفجار مرفأ بيروت. فمنذ العام 2019، بدأ الانهيار المالي الناتج عن سوء إدارة الإنفاق الضخم يُصيب البلاد، متسبّباً في ارتفاع الديون وتوقف الدعم المالي الدولي عن إنقاذ البلاد بسبب عدم إجراء إصلاحات حقيقية من قِبل السلطة الحاكمة. وفي ظل انعدام تلك الإصلاحات وعجز الحكومات المتعاقبة عن إيجاد حلول للأزمات التي أصابت البلد، يرزح أكثر من نصف سكان لبنان تحت خط الفقر.

ويقدّر البنك الدولي أنه في عام 2020، انكمش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في لبنان بنسبة 20.3%، بعد انكماشه بنسبة 6.7% عام 2019. وقد انخفضت قيمة إجمالي الناتج المحلي للبنان من حوالي 55 مليار دولار أميركي عام 2018 إلى ما يُقدّر بنحو 33 مليار دولار أميركي عام 2020، في حين انخفض نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بنحو 40% من حيث القيمة الدولارية. ولا تزال الظروف النقدية والمالية شديدة التقلّب؛ وفي سياق نظام متعدّد لأسعار الصرف، انخفض متوسط سعر الصرف الذي يحتسبه البنك الدولي بنسبة 129% عام 2020. وأدى التأثير على الأسعار إلى ارتفاع التضخم، حيث بلغ متوسطه 84.3% عام 2020. أحدث المعطيات من الإدارة المركزية للإحصاءات (CAS) تشير إلى أن معدل التضخم في لبنان استمر نحو مستويات مرتفعة، حيث سجل مؤشر أسعار المستهلك (CPI)، الذي يعكس التغيرات في أسعار السلع والخدمات التي يستهلكها الأسر، زيادة سنوية بنسبة 177.25% حتى كانون الثاني في عام 2024.

ويعاني لبنان من كساد اقتصادي حادّ ومُزمن. ووِفقاً لتقرير مرصد الاقتصاد اللبناني الصادر عن البنك الدولي في العام 2021، من المُرجّح أن تُصنّف هذه الأزمة الاقتصادية والمالية ضمن أشدّ عشر أزمات، وربما إحدى أشدّ ثلاث أزمات، على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر. وحسب المرصد نفسه، فقد بلغ الدين الإجمالي 183% من إجمالي الناتج المحلي في 2021، ليسجّل لبنان رابع أعلى نسبة مديونية في العالم بعد اليابان والسودان واليونان.

وفي ظل هذا الإنهيار الاقتصادي، تكافح وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة في لبنان من أجل البقاء، بعد احتجاب عدد منها عن الصدور، وازدياد  الصعوبات والتحديات التي تواجه الجسم الإعلامي خلال أدائه عمله.

عائدات دعائية شحيحة

تجدر الإشارة إلى أن قطاع الإعلام اللبناني صغير على الرغم من أنه يعاني التفتيت وزحمة وسائل الإعلام التي يبلغ عددها حوالي 100 من مرئي ومسموع ومطبوع وإلكتروني، جزء كبير منها يركّز على السياسة والباقي على المحتوى الترفيهي فقط، تتوجّه لما يقارب ستة ملايين شخص مقيم في البلد. كما أن عائدات المبيعات والإعلانات محدودة للغاية، وهي بالتالي غير كافية لضمان استدامة وفرة وسائل الإعلام العاملة في لبنان.

وتراجَع الإنفاق الإعلاني في لبنان بشكل ملحوظ خلال  العامين الأخيرين بفعل الأزمات الأخيرة السياسية والاقتصادية التي أصابت البلاد، فضلاً عن تداعيات جائحة كورونا وأثرها الاقتصادي، واشتدّت مع تعثّر المصارف وارتفاع سعر الصرف، حيث شكّلت نسبة الانخفاض 95 في المئة مقارنة بالعام 2018 وما سبقه. وبلغ حجم الاستثمار في الإعلانات على أنواعها في لبنان في العام 2018 ما يقارب 200 مليون دولار، ويتوزع بين الإعلانات التقليدية و"الأونلاين"، لكنه تراجع إلى 130 مليون دولار في العام 2019، بسبب التدهور الاقتصادي الذي شهده لبنان، ليهبط إلى 10 ملايين دولار في كل من العامين 2020 و2021 بسبب الأزمات النقدية والسياسية، وتدهور سعر صرف العملة الوطنية مقابل الدولار.

تُشير التقديرات إلى أن سوق الإعلانات قبل العام 2018، كانت تتراوح قيمته الإجمالية بين 100 و180 مليون دولار أميركي في السنة. وتتركّز نصف الأنشطة في قطاع التلفزيون مع فرض رسوم إضافية مقتطعة لصالح الوكالات والشركات الممثّلة. وكان هذا المبلغ متدنّياً جداً لضمان استدامة أنشطة وسائل الإعلام في لبنان، تحديداً الشبكات التلفزيونية السبع الأساسية المشمولة في هذه الدراسة والتي تحتاج عادة إلى ما بين 10 و15 مليون دولار أميركي في السنة لتسيير أعمالها.

إضافة إلى ذلك، يُشكّل انعدام الاستقرار السياسي، كما الأزمات المتكرّرة، علامة فارقة يتّسم بها السوق اللبناني نظراً إلى تواترها، ما يجعل الجهات المعلنة مترددة في إنفاق مبالغ كبيرة على الإعلانات.

بالتالي، تجد وسائل الإعلام نفسها مضطرّة إلى السعي وراء مصادر تمويل أخرى. وتُعتبر التغطيات الإعلامية التفضيلية لقاء الحصول على الدعم ضرورية، ويظهر التمويل الموجّه سياسياً للصحف والصحافيين كممارسة شائعة ومقبولة. ويذهب البعض إلى حدّ تبرير ذلك بذريعة تدنّي الرواتب وعدم منح الصحافيين أي امتيازات.

التمويل السياسي للإعلام

نظراً إلى الطبيعة الطائفية للبنان وقطاعه الإعلامي والتسييس الطاغي عليهما، تميل غالبية المؤسسات الإعلامية إلى التركيز حصراً على قضايا ترتبط بطائفة أو مجموعة سياسية محدّدة، بدل التركيز على القضايا التي تهمّ المجتمع اللبناني ككل. إلى ذلك، إن عدد السكان الإجمالي في لبنان قليل بحدّ ذاته للسماح بتحقيق الاكتفاء المالي في المطبوعات السياسية الـ110 المُرخّص لها، وفي المجموعة الكبيرة من الإذاعات والمحطّات التلفزيونية العاملة في القطاع. ونظراً إلى غياب الاكتفاء المالي وتدنّي متوسط الرواتب بالنسبة إلى الصحافيين والموظفين العاديين في هذه الشركات، لا يجد الإعلاميون والمؤسسات خياراً سوى السعي وراء الدعم الخارجي للصمود، فيصبحون بالتالي خاضعين للمصالح المرتبطة بمصادر التمويل المذكورة.

يتأتّى الدعم الأكثر شيوعاً من جهات محلّية وأجنبية ومن كيانات طائفية أو سياسية مقابل الدعم التحريري. وقد دأب أصحاب المصالح الأجانب وفي قطاع الأعمال على استخدام الإعلام للترويج لأجنداتهم والتأثير على الشؤون الداخلية والإقليمية. في المقابل، ونظراً إلى تراجع العائدات النفطية وتبدّل المشهد السياسي بعد الربيع العربي، أي منذ العام 2011، وفي ظل ما تمرّ به البلاد من أزمات متتالية، التي عصفت وتعصف بالبلد، انخفض حجم الاستثمار الأجنبي، في المقابل تمّ توسيع وتقوية الإعلام في عدد من البلدان العربية مستقطباً عدداً كبيراً من الإعلاميين والصحافيين اللبنانيين.

فنتيجة اعتماد وسائل الإعلام التقليدية على مصادر التمويل السياسي، تضعف قدرة الإعلام على تقديم المعلومات والقيام بالعمل الاستقصائي بصورة موضوعية، لتجنّب إحراج مصادر التمويل. لذا، تتمتّع غالبية وسائل الإعلام بارتباطات سياسية معيّنة وغالباً ما تكون مموّلة من أحد الأحزاب السياسية، فتُعبّر هذه الوسائل عن مصالح الأحزاب وآرائها.

على المستوى المحلّي، لطالما شكّلت الانتخابات مصدر تمويل رئيسياً لوسائل الإعلام اللبنانية. وخلال الانتخابات النيابية في العام 2022، أصبح الـ"فريش دولار" الأداةَ الأبرزَ للإنفاق الانتخابي، فاعتمدت وسائل الإعلام وتحديداً المرئية منها تسعيرات تختلف بحسب دقائق الظهور، وتوقيت البرنامج، بحيث بدأت من 10 آلاف دولار لإطلالة كل مرشح على هوائها، في حين تخطّت التسعيرة المسائية عتبة الـ20 ألف دولار ووصلت في الأسبوع الأخير قبل الانتخابات إلى ما فوق المئة ألف دولار.

وحسب تقرير لمؤسسة "مهارات"، وصلت التقديرات بالمبالغ المالية التي دفعها المرشحون لقاء الظهور الإعلامي على الشاشات اللبنانية بدءاً من آذار/مارس 2022، إلى حدود الـ7.5 ملايين دولار، بمعدل ألف دولار للدقيقة الواحدة، بالنظر إلى أن المرشحين ظهروا لمدة 7500 ساعة خلال ذلك الشهر.

الأزمة الإقتصادية وأثرها على العاملين في القطاع الإعلامي

انعكست الأزمة الاقتصادية والمالية التي يمرّ بها لبنان على العامليـن فـي القطـاع الإعلامي اللبنانـي،  وخصوصاً بعـد تدهـور سـعر صـرف الليـرة مقابـل الـدولار الـذي تـرك آثـاره بشـكل واضـح علـى رواتـب الصحافييـن والمصوريـن الذين يتقاضون رواتبهم بالعملة الوطنية. ودفع هذا الوضع الصعب عـدداً كبيـراً مـن الصحافييـن والمصوّريـن إلـى العمـل فـي عـدة مؤسسـات إعلامية فـي آن، أو الإتجـاه إلـى التعليـم أو غيـره مـن المهـن الموازيـة.

ومن جهة ثانية، انعكس هذا الوضع على  شـركات التأميـن وخدماتهـا والخدمـات التـي  يقدّمهـا الصنـدوق الوطنـي للضمـان الاجتماعي لهم. وبالتالـي عنـد الإصابـة يقـف العديـد مـن الصحافييـن عاجزيـن عـن الحصـول علـى العـلاج الطبـي اللازم أو اسـتكماله كمـا يجـب، بسـبب إشـكالية سـعر الصـرف.

وواجه الجسم الإعلامي تحديات عدة أبرزها مشكلة انقطاع الإنترنت الناتج عن أزمة انقطاع الكهرباء، وبرزت أزمة المحروقات التي تركت آثارها واضحة على عمل الصحافيين والمؤسسات الإعلامية، خاصة خلال المراحل الأولية للانهيار المالي في الفترة من 2019 إلى 2021. فالنقص الحادّ في المازوت دفع المؤسسات الإعلامية إلى اتخاذ إجراءات تعتمد على التقنين داخل المؤسسة للحفاظ قدر الإمكان على المخزون المتوفر لديها.

وتسبَّب نفاد الوقود الذي يغذّي مولّدات كهرباء وزارة الإعلام، في توقف بثّ استوديوهات إذاعة لبنان (رسمية)، بقسميها العربي والأجنبي، في حين علّقت إذاعة "صوت الشعب" برامجها بشكل مؤقت بسبب أزمة المحروقات وتعذّر وصول الضيوف إلى الإذاعة.

وفي ظل النقص الحادّ في مادة البنزين وإقفال غالبية محطات الوقود أو الانتظار ساعات في الطوابير لتعبئة خزانات السيارات، دفع هذا الأمر عدداً من المؤسسات الإعلامية إلى الطلب من موظفيها العمل من المنازل، كما ترك آثاره على التغطية الإعلامية بسبب صعوبة التواجد في أماكن الحدث لعدم تأمين مادة البنزين لتشغيل سيارات المؤسسة وسيارات المراسلين.

 

 

المصادر

 

Worldbank (2018). Country Data Lebanon.  Accessed on 18 October 2018

CIA (2018). World Factbook. Lebanon. Accessed on 18 October 2018 

Bankmed,Analysis of Lebanon’s media and advertising sector, May 2015 

Jaber, F. & Al-Riyahi, I. (2014): Comparative Study: Tax Systems in Six Arab Countries. Arab NGO Network for Development. Pp. 17-20.

Abou-Zahr, S. (2017): Refugees and the media in Lebanon. Accessed on 18 October 2018 

Perry, T. & Lyon, A. (2009). Facts on Lebanon's economy. Accessed on 18 October 2018

IPSOS & Nielsen, 2017. TAM Lebanon 2016 Results. Accessed on 18 October 2018

El-Richani, S. (2016): The Lebanese Media. Anatomy of a System in Perpetual Crisis. Palgrave Macmillan. 122 f.

Trombetta, L. (2018): Lebanon - Media Landscape. European Journalism Centre (EJC).  Accessed on 18 October 2018 

SCIACCHITANO, F. (2015):  Assessment of Media Legislation in Lebanon. MedMedia. Accessed on 18 October 2018

Specialist Guide to the Global Leaders in Media Law Practice, Media International 

البيانات الوصفية

تستند الأرقام الخاصة بسوق الإعلانات إلى البيانات الصادرة عن سارة الريشاني (راجع المصادر).

  • Project by
    Samir Kassir Foundation
  •  
    Global Media Registry
  • Funded by
    BMZ
  •  
    Logo of Kingdom of Netherlands