This is an automatically generated PDF version of the online resource lebanon.mom-gmr.org/en/ retrieved on 2024/10/07 at 10:27
Global Media Registry (GMR) & Samir Kassir Foundation - all rights reserved, published under Creative Commons Attribution-NoDerivatives 4.0 International License.
Samir Kassir Foundation
Global Media Registry

الإطار التاريخي

لا يبدو المشهد الإعلامي في لبنان، بكل مراحل تطوّره والتغييرات التي صاحبته، سهلاً، خصوصاً وأنه كان في مجمله مرتبطاً بتقلّبات العلاقات السياسية والطائفية. وتبدّلت الرسائل والمحتوى الصحفي وفقاً لخارطة التحالفات. ولعل الاصطفافات الإيديولوجية حيناً والطائفية أحياناً، هي الأساس والعامل الأكبر في التأثير على المحتوى الصحفي.

كان لبنان يُعرف بملكيّته لأول مطبعة في الشرق الأوسط خلال الحكم العثماني، وكان يملكها الرهبان الموارنة. وفي المنتصف الثاني للقرن التاسع والعشرين انطلقت جميع الطوائف في طباعة المنشورات والصحف لتثقيف رعاياها، وغالباً للنضال ضد الحكم العثماني، ومن ثم الانتداب الفرنسي، إلى أن تمّ الاستقلال عام 1943.

لقد ساهم التنوّع الطائفي وكذلك الموقع الجغرافي في جعل بيروت مركزاً حيوياً للصحافة والطباعة في منطقة المشرق العربي، وشكّلت نقطة مهمة لنشر الثقافة، وصوتاً لحركات التحرير، وللشخصيات المعارضة في الشرق الأوسط، لتشهد هذه المهنة نمواً سريعاً، والذي انعكس أيضاً على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة التي اكتسبت خبرة في إنتاج المحتوى.

الإعلام بعد الاستقلال

استلمت الدولة اللبنانية عام 1946 إذاعة الشرق من الانتداب الفرنسي، وأطلقت عليها اسم الإذاعة اللبنانية، لتبدأ في ما بعد مراحل إنشاء شركة التلفزيون اللبنانية الناطقة باللغتين العربية والفرنسية بدعم من رجُلَي الأعمال اللبنانيَّين وسام عز الدين وألكس مفرّج، اللذين وقّعا اتفاقاً مع الدولة لتأسيس شركة التلفزيون اللبنانية (CLT) في آب/أغسطس 1956. وبعد ذلك، في أيار/مايو 1962، أطلق تلفزيون لبنان والمشرق.

يُعدّ منْح تراخيص للبثّ عام 1959 بأوقات متفرقة لشركتَي التلفزيون أولى الخطوات الأساسية للتحرّر والتعدّدية في وسائل الإعلام على الرغم من فرض الحكومة قيوداً على البثّ والبرامج، وكانت ملكية الشركتين مشتركة بين الدولة ورجال أعمال لبنانيّين. إلا إن انقسام ملكية القناتَين طائفياً، وتواجد إحداها في المنطقة المسيحية والثانية في المنطقة المسلمة، أدى إلى دخول القناتَين في النزاع مع اندلاع الحرب اللبنانية عام 1975.

قامت الدولة بتأميم الشركتين ودمجهما خلال الحرب الأهلية عام 1977، بعد تدهور أوضاعهما الاقتصادية، باعتبار أن الإعلانات كانت المصدر الرئيسي في تمويل القناتَين، وتمّ تأسيس تلفزيون لبنان ومنحه ترخيص احتكار الإرسال التلفزيوني لمدة 25 سنة، في غياب قانون لتنظيم الإعلام.

الإعلام والحرب الأهلية

خلال الحرب الأهلية في لبنان بين عامَي 1975 و1990، انتشرت الإذاعات والتلفزيونات الخاصة بشكل كبير في بلد صغير الحجم كلبنان، مُستفيدة من الفوضى وغياب سيادة القانون، وجميعها كانت منصات ناطقة باسم فصائل عسكرية لتيارات إيديولوجية وطائفية متعدّدة.

تضمّن اتفاق الطائف عام 1989 ضرورة "تفكيك كافة المحطات الإعلامية غير الشرعية" والتي تمّ تأسيسها لأسباب مرتبطة بالنزاع، بشكل موازٍ لقرار تفكيك الميليشيات ونزع سلاحها. وأصدر المجلس النيابي اللبناني قانوناً للإعلام المرئي والمسموع عام 1994، لوضع شروط ومعايير للبثّ الإذاعي والتلفزيوني، أعطت الحكومة على أساسه تراخيص لوسائل إعلام وأقفلت أخرى. وتم تأسيس المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع، ذي الصفة الاستشارية.

عادت عندها معظم أطراف النزاع التي شاركت في الحرب عسكرياً، بالإضافة إلى القوى السياسية التي فرضت نفسها بعد انتهاء الحرب، كمالكة للتراخيص. وكان للوصاية السورية السياسية والأمنية على القرار اللبناني تأثير كبير على عمل وسائل الإعلام، فقد تمّ مثلاً منْع بثّ نشرات الأخبار والبرامج السياسية عام 1994 على كافة القنوات الخاصة، في محاولة لتقويض الخطاب العام. كما تمّ إقفال وسائل إعلام بسبب معارضتها للحكم، على غرار قناتَي الجديد عام 1997، وMTV عام 2002.

هيكلية الإعلام وإدارته


يُدار القطاع عبر وزارة للإعلام، تنحصر مهامها في تيسير المؤسسات الإعلامية الرسمية، والمجلس الوطني للإعلام، وهو هيئة استشارية تمّ استحداثها ضمن قانون الإعلام الذي صدر عام 1994، وتتضمّن مهامه التحقّق من شروط منْح التراخيص ومراقبة المحتوى الإعلامي، ويقدّم تقاريره إلى مجلس الوزراء، إلا إنه لا يملك أي صلاحيات نافذة، فضلاً عن كون أعضائه العشرة يتم اختيارهم بالمناصفة بين مجلسَي النواب والوزراء على أساس طائفي، ما يُقيّد دورهم وقدرتهم، فضلاً عن انتهاء ولايتهم القانونية.

تُمنح تراخيص إنشاء شركات للبثّ الإذاعي والتلفزيوني من قِبل مجلس الوزراء بعد استيفاء الشروط التي وضعها المجلس الوطني للإعلام ووزارة الإعلام. ولعل المتابع للمشهد الإعلامي يرى مدى التراجع في الإنفاق والإعلانات في الإعلام المرئي والمسموع بسبب التدهور الاقتصادي والتحديات التي يعيشها الإعلام اللبناني، وسط هيمنة قوى سياسية وطائفية على إدارة وتوجيه وسائل الإعلام.

المشهد الإعلامي بعد عام 2005


مع خروج الجيش السوري من لبنان عام 2005 والتبدّل السياسي الذي طرأ، أُعيد فتْح قناة MTV، وأُعطي "التيار الوطني الحرّ" ترخيصاً لفتح قناة تلفزيونية وإذاعة، ما يؤكد مدى ترابط المشهد الإعلامي بميزان القوى السياسي. فالإعلام اللبناني يشكّل مرآةً عاكسة للانقسامات السياسية والطائفية، بشقّيها المحلّي والإقليمي، مع دعم مباشر لوسائل الإعلام من قِبل رعاة إقليميّين.

وأتت الاضطرابات والثورات في الدول العربية ابتداءً من عام 2011 لتؤثر على وسائل الإعلام اللبنانية. فقد انخفض التمويل الآتي من دول حدثت فيها تغييرات سياسية، وتراجع الدعم الخارجي أيضاً بسبب الأزمة المالية العالمية سنة 2008 وانخفاض سعر البترول الذي تلى تلك المرحلة. وأدى هذا الواقع إلى إيقاف صدور جريدة "البيرق" ومجلتي "Monday Morning" و"La Revue du Liban" عام 2011، فيما توقفت مجلة "الكفاح العربي" لصاحبها وليد الحسيني في العام 2015، ومعها مجلتا "استرتيجيا" و"فن"، بعدما سبق ان أغلقت "الأسبوع العربي" لصاحبها جورج أبو عضل عام 2014، وجريدة "السفير" نهاية العام 2016، وأيضاً في العام نفسه أغلقت مجلة "الحوادث"، ومن ثم أغلقت جريدة "الاتحاد" في خريف العام 2017، وتوقف صدور جريدة "البلد" في صيف 2018، وأغلقت جريدة "الأنوار" و"دار الصياد" في تشرين الأول/أكتوبر 2018، والذي ضم جريدة "الأنوار" ومجلة "الصياد" و"الشبكة" و"فيروز" و"الدفاع العربي" و"الفارس". كما توقف صدور جريدة "الحياة" في بيروت عام 2018 أيضاً، فيما أعلنت إدارة جريدة "المستقبل" بتاريخ 10 كانون الثاني 2019، أنها قرّرت وقْف إصدار النسخة الورقية من الجريدة بدءاً من 1 شباط من السنة نفسها، والتحوّل إلى جريدة رقمية بالكامل "مستقبل ويب". وأغلقت جريدة "دايلي ستار" الناطقة باللغة الإنكليزية بتاريخ 1 تشرين الثاني 2021، بسبب الأزمة المالية، كما أنها توقفت عن تحديث موقعها الإلكتروني بتاريخ 13 تشرين الأول 2021. وقد ضربت الأزمة المالية القنوات التلفزيونية أيضاً التي قلّصت عدد العاملين فيها، في موجات متتالية من الصرف من الخدمة، فيما أعلن رئيس الوزراء اللبناني الأسبق ورئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري بتاريخ 18 أيلول 2019، تعليق العمل في تلفزيون "المستقبل"، معلّلاً ذلك بالأسباب المالية.

ولا تزال منظمات غير حكومية تقوم بمجهود في إطار محاولة لتغيير قانون الإعلام، تعطى بموجبه استقلالية حقيقية وصلاحيات أوسع للمجلس الوطني للإعلام، ومعايير تضمن قدراً أكبر من الحريات والشفافية، وبدأت مناقشة اقتراح قانون جديد للإعلام منذ قرابة 12 عاماً، وشاركت المنظمات غير حكومية بوضع ملاحظاتها وتعليقاتها عليه، لكن اقتراح القانون امتد إلى أكثر من لجنة إعلام ولأكثر من دورة نيابية، ومع أكثر من وزير للإعلام، ولا يزال ينتظر المصادقة عليه في البرلمان، إلا أنه أُقرّ من قِبل اللجنة الإعلام والاتصالات في مجلس النواب اللبناني في العام 2018. كذلك تقدّم رئيس لجنة الإعلام السابق في مجلس النواب حسين الحاج حسن باقتراح قانون لتنظيم المواقع الإلكترونية الإعلامية، وقد بدأت اللجنة بمناقشته منفصلاً. وأثار مشروع هذا القانون عدداً كبيراً من الانتقادات، خصوصاً في ما يتعلّق بالتسجيل في المجلس الوطني للإعلام، الذي لا يلقى ترحيباً من الجسم الإعلامي في لبنان بسبب التعيينات المسيسة في هذا المجلي وفقدانه الصلاحية القانونية للنظر في النشر الإلكتروني.


 

 

 

 

المصادر

هذا النص هو مساهمة من نضال ايوب رئيسة اتحاد الصحافة الفرنكوفونية وعضو في المجموعة الاستشارية لمشروع MOM لبنان.

  • Project by
    Samir Kassir Foundation
  •  
    Global Media Registry
  • Funded by
    BMZ
  •  
    Logo of Kingdom of Netherlands