This is an automatically generated PDF version of the online resource lebanon.mom-gmr.org/en/ retrieved on 2024/10/07 at 17:00
Global Media Registry (GMR) & Samir Kassir Foundation - all rights reserved, published under Creative Commons Attribution-NoDerivatives 4.0 International License.
Samir Kassir Foundation
Global Media Registry

التكنولوجيا

 يواجه لبنان منذ عام 2019، أي قُبيل اندلاع احتجاجات 17 تشرين الأول، أزمة اقتصادية حادّة، كان من أبرز معالمها تدهور سعر صرف العملة المحلّية مقابل الدولار، من 1507 ليرات للدولار الواحد وصولاً إلى أكثر من 40 ألف ليرة للدولار في تشرين الأول 2022. أدّى ذلك إلى تقلّص الناتج المحلّي ومعه مخزون مصرف لبنان من العملات الصعبة، ما أوصل البلاد إلى حالة بات يصعب فيها الحصول على كهرباء لأكثر من ساعتين في النهار، بل وإلى غيابها لأيام وأشهر في الكثير من المناطق، وكذلك انعدام قدرة هيئة "أوجيرو"، العصب الرئيسي لقطاع الاتّصالات في لبنان، على توفير المحروقات وقِطع الصيانة لمراكز الإرسال والبثّ والاتّصالات.

وبما أنّ "أوجيرو" هي الشركة الرسميّة الوحيدة التي توفّر الإنترنت تحت إشراف وزارة الاتّصالات اللبنانيّة، تعرّضت خدمة الإنترنت لانقطاعات متكرّرة وكبيرة بدءاً من الأطراف وصولاً إلى المدن الكبرى بما فيها العاصمة بيروت. وللأسباب نفسها، أي انقطاع الكهرباء وعدم القدرة على شراء المحروقات وإجراء عمليات الصيانة، شملت الانقطاعات شركتَي الاتّصالات الخلوية "ألفا" و"تاتش"، وهما المزوّدان الوحيدان لخدمات الاتّصالات المحمولة والإنترنت المحمول في لبنان.

شبكات غير شرعية بعد الأزمة

بالإضافة إلى "أوجيرو" التي كانت تُعتبر أكبر مزوّد إنترنت في لبنان، يوجد نحو 114 مؤسسة مرخّصة لتزويد الإنترنت على الأراضي اللبنانية، وبطبيعة الحال وصل انقطاع الإنترنت إلى مشتركيها، لا سيما وأنّها تستمدّ الخدمة من "أوجيرو". وبحسب وزير الاتّصالات اللبناني جوني القرم، يستحوذ الإنترنت غير الشرعي على النسبة الأكبر من المشتركين (62%) ليسبق هيئة "أوجيرو" التي كانت تُعتبر أكبر مزوّد إنترنت في عام 2018 (60%).

ولكنّ الغريب في الأمر أنّ بعض موزّعي الإنترنت كانوا يستمرون بتأمين الإنترنت واستغلّوا الفرصة لرفع الأسعار واعتماد التسعيرة بالدولار بدلاً من الليرة اللبنانية بعد التهديد بالإضراب، ما يطرح تساؤلات حول شرعيتهم وكذلك حول مصدر الإنترنت لديهم.

وأقرّ الوزير القرم بأنّ قطاع الإنترنت غير الشرعي "يتحكّم بشكل كامل في توزيع منتجاته ويسيطر بشكل واسع على سوق الإنترنت ذات الصلة"، معتبراً أنّه "أصبح متقدّماً جداً، وهو واقع غير مقبول قانونياً وواقعياً". وكشف الوزير عن خطّة وضعتها وزارة الاتّصالات للتعامل مع موزّعي الإنترنت غير الشرعيين تقضي "بعدم انقطاع الإنترنت عن المستهلك، وتتبّع الأموال المهدورة على الدولة جرّاء عدم التصريح عن المشتركين والأرباح"، ما يعني تشريع موزّعي الإنترنت غير الشرعيين "ووضعهم في كنف الدولة".


نحو لبنان الأزمة: مضاعفة الأسعار 500%


استمرّ الوضع بالتردّي إلى منتصف عام 2022، وتحديداً في شهر تموز، حيث بدأت الحكومة اللبنانية باقتراح من وزارة الاتّصالات، بتطبيق تسعيرة جديدة للاتّصالات والإنترنت قُدّرت بخمسة أضعاف، من دون مراعاة القدرة الشرائية للمواطنين والسكّان، ولا سيّما الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية. واقترح المرسوم الذي أقرّته الحكومة في شهر أيار 2022 إطفاء شبكة الجيل الثاني (2G) و80% من شبكة الجيل الثالث لتوفير نحو 120 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات. ومع ذلك، يزعم وزير الاتّصالات أنّ الخدمات في تحسّن مستمر.

وبما أنّ موظّفي "أوجيرو" يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية، فقد بدأوا إضراباً واسعاً في شهر آب استمرّ لأسابيع، ما ساهم في زيادة تدهور جودة الاتّصالات والإنترنت في لبنان، قبل أن يصل الأمر إلى شركتَي الخلوي مع إضراب موظفيهما بعد أسبوع على إضراب "أوجيرو". وأدّى الأمر إلى انقطاع الاتّصالات والإنترنت عن مؤسسات إنسانية مثل "الصليب الأحمر اللبناني" ومستشفيات وأجهزة أمنية وغيرها من المؤسسات. بعد ذلك، حصل اتّفاق مع موظّفي الاتّصالات تضمّن نقاطاً لتحسين بدلات غلاء المعيشة والنقل.

التمويل من جيوب الناس بديلاً عن المحاسبة


بدلاً من العمل على مكافحة الفساد وإقفال مزاريب الهدر في قطاع الاتّصالات ودراسة حالة قطاع الاتّصالات بنظرة استراتيجية، وتفعيل الهيئة الناظمة للاتّصالات، جرى رفع الأسعار.

وبسبب رفع أسعار الاتّصالات بمعدّل خمسة أضعاف، يواجه الكثير من السكّان في لبنان صعوبات في التأقلم مع الأسعار الجديدة، مثل سائقي سيارات الأجرة عبر تطبيقات الهاتف المحمول، وعمّال الدليفري، وحتّى الطلّاب الذين يواجه ذووهم أصلاً ضائقة مالية.

وكان يمكن كذلك مكافحة الهدر في القطاع وزيادة الاستثمار فيه حتّى قبل الأزمة. فقد وثّق ديوان المحاسبة، وهو مؤسّسة رقابية حكومية، في تقريره الذي نشره في نيسان 2022، هدراً بمليارات الدولارات في قطاع الاتّصالات. ومع ذلك، لم يتحرّك القضاء اللبناني كما ينبغي في هذه القضية. وأوضح التقرير أنّه خلال 10 أعوام، بين عامي 2010 و2020، بلغت إيرادات قطاع الاتّصالات نحو 17 مليار دولار تقريباً، حُوّل منها إلى الخزينة ما يصل إلى 11 مليار دولار، وصُرف منها نحو 6 مليارات دولار على النفقات التشغيلية ونفقات أخرى من دون محاسبة. على سبيل المثال، بدأت "تاتش" تنفيذ شبكة الجيل الثالث بكلفة 25.6 مليون دولار وانتهى بكلفة 128 مليون دولار، في حين بدأ مشروع شبكة "ألفا" بنحو 41.6 مليون دولار لينتهي بكلفة 170 مليوناً.

يتّضح من خلال التقرير الموثّق أنّ قطاع الاتّصالات في لبنان كان يُعتبر مورداً رئيسياً لخزينة الدولة، بينما كانت النفقات التشغيلية هدفاً لاقتناص المال العام. ومع ذلك، قال وزير الاتّصالات جوني القرم إنّ "تقرير ديوان المحاسبة يحتاج إلى متابعة"، في حين اعترض مدير هيئة "أوجيرو"، عماد كريدية على التقرير مشيراً إلى أنّه "يحتوي على مغالطات".


إصلاح أو تسريع الانهيار؟

في شهر أيلول 2022، أي بعد شهرين على مرسوم رفع الأسعار، قال مدير شركة "تاتش"، سالم عيتاني، إنّ "الشبكة أصبحت متوافرة بنسبة 87.50% حالياً، علماً أن هدف الشركة بلوغ نسبة 95%، كما حقّقت تقدّماً في جودة خدمة الاتصالات الصوتية قارب نسبة 90% المتّفق عليها مع وزارة الاتصالات، إذ إنها تبلغ حالياً 80% أو ما يوازي ارتفاعاً في الجودة بلغ 27%".

وأشار مدير شركة "ألفا"، جاد ناصيف، إلى أنّ "60% من المناطق تتمتّع بنسبة توفّر للشبكة عالية جداً تزيد عن 90%، فيما تنخفض هذه النسبة إلى أقلّ من 80% في مناطق أخرى كالعاصمة بيروت ومرجعيون".

وتقدّم لبنان في شهر أيلول من العام نفسه 5 مراكز على صعيد سرعة الإنترنت المحمول وِفق مؤشر "أوكلا" (Ookla)، ليحتلّ المركز 71 عالمياً مع سرعة تصل إلى 26.89 ميغابايت في الثانية، في حين تقدّم 4 مراكز على صعيد الإنترنت الثابت ليصل إلى المركز 163 عالمياً بسرعة 7.37 ميغابايت في الثانية.

خصوصية تائهة


بعد سنوات على سريان "قانون المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي" (القانون 81/2018)، وفي العام 2021، سُرّبت من السفارات اللبنانية بيانات ناخبين لبنانيين مقيمين في دول أجنبية، حيث تواصلت معهم جهات حزبية بهدف التحشيد للانتخابات.  في عام 2021، توصلت الأبحاث التي أجرتها SmartGov بدعم من مؤسسة سمير قصير إلى أن معظم منصات الحكومة لم تتقدم في تطوير الحوكمة الإلكترونية. على سبيل المثال، لا تمتلك مئات البلديات مواقع إلكترونية مستقلة. وفي الوقت نفسه، يشير الوضع غير الآمن لحوالي 80 موقعًا حكوميًا، طلب 38 منها بيانات المستخدمين لتقديم خدمات ضرورية، إلى أن مسألة الحوكمة الإلكترونية في لبنان ليست مجرد قضية كفاءة بيروقراطية، بل هي أيضًا قضية تتعلق بالخصوصية والأمن.

وفي العام نفسه كذلك، كانت منصّات مختلفة تجمع بيانات المواطنين والمقيمين الشخصية بهدف مكافحة انتشار فيروس "كورونا"، سواء من قِبل "التفتيش المركزي" أو وزارة الصحة العامة اللبنانية، وسط مخاوف من سوء التعامل مع هذه البيانات أيضاً.

لم تتعامل الجهات الحكومية بالحذر الكافي مع البيانات الشخصية تلقائياً على الرغم من سريان "قانون المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي". ويعود ذلك إلى قصور في القانون نفسه الذي يحصر صلاحية الإشراف على البيانات الشخصية بوزارة الاقتصاد وعدد من الوزارات والهيئات الرسمية فقط. على سبيل المثال، بهدف جمع البيانات بموجب القانون 81، يكفي الحصول على تصريح من وزارة الاقتصاد (المادة 95). ولجمع البيانات المتعلّقة بالأمن الداخلي والخارجي، والدعاوى القضائية، والبيانات الصحية، يكفي الحصول على ترخيص من الوزارات المعنية مثل الداخلية والعدل والصحة على التوالي (المادة 97). ومع ذلك، يُستثنى من التصريح الكثير من المؤسسات (المادة 94) مثل الجمعيات والطلاب والمؤسسات التربوية والشركات التجارية (ضمن ممارسة أنشطتها)، أو إذا وافق الشخص المعنيّ على جمع بياناته، ما يعني أنّ الاعتراض على جمع البيانات قد يصبح أصعب في حال وافق الشخص على سياسات الشركات والمؤسسات الغامضة. ولا يحقّ الاعتراض في حال كانت الجهة التي تجمع البيانات ملزمة بجمعها وِفق القانون (المادة 92)، في حين لا يوجب تقديم تصريح في المعالجات المنصوص عليها بموجب القانون 140/1994 (أو ما يُعرف بقانون التنصّت) (المادة 94)، ما يعني أنّ القانون يمنح الوزارات والهيئات التنفيذية استثناءات كبيرة لجمع البيانات الشخصية من دون إشراف أو حقّ في الاعتراض.

لا يواكب "قانون المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي" المتطلّبات الراهنة لحماية البيانات الشخصية، كما تبيّن من خلال التجارب الكثيفة في الأعوام القليلة الماضية مع المنصّات المختلفة. هذا القانون الذي اقتُرح في العام 2004 واستغرق حتّى العام 2018 لإقراره، يحتاج إلى عمل كثير لكي يتلاءم مع القوانين والتشريعات الحديثة التي يمكن الركون إليها كمرجع، مثل "اللائحة العامة لحماية البيانات" (GDPR) الأوروبية. ولكلّ ذلك، يصبح من الضروري إقرار قانون مستقلّ وشامل للخصوصية. من أجل تحديث توصياتنا لأصحاب المصلحة السياسيين المختلفين نظرًا للتعديلات المحتملة لتطبيق وتقنين حماية البيانات في ظل التغيرات السياقية، هدفت تقرير عام 2024 الصادر عن SEEDS للمبادرات القانونية، بدعم من صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية، إلى إنشاء مؤشر شامل لقانون حماية البيانات الشخصية في لبنان. استوحى هذا العمل من اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) الصادرة عن الاتحاد الأوروبي (EU).

 

 

مصادر
  • Project by
    Samir Kassir Foundation
  •  
    Global Media Registry
  • Funded by
    BMZ
  •  
    Logo of Kingdom of Netherlands